doaa
عدد الرسائل : 78 العمر : 40 تاريخ التسجيل : 05/04/2007
| موضوع: ماما سارة وبابا عمر الحلقة الثانية عشرة والأخيرة السبت ديسمبر 15, 2007 12:15 pm | |
| قـالت سـارة : جلستُ على مقعدي في الطائرة وأنا أتلو آيات قرآنية وأشعر برهبة كبيرة ولا اتوقف عن النظر الى ساعتي والى خريطة سير الطائرة واكاد استحلف الدقائق أن تمر كي أصل الى ما حلمت به منذ كنت طفلة لا أكاد أصدق نفسي اني بملابس الاحرام وبعد ساعات سألمس الكعبة بيدي أنظر الى عمر بحب الكون كله الذي أهداني هذه الهدية التي تفوق كنوز الارض ...... لا أستطيع أن أصف فرحتي منذ رأيت تأشيرة العمرة على جواز سفري ومن وقتها وأنا أكاد أستوقف الناس في الشارع لأخبرهم أن الله دعاني ضيفة على بيته الكريم.. كم من أغنياء رفض الله أن يدخلوا بيته الكريم وألهاهم في متع الدنيا كي يحرموا من هذا الشرف الرفيع وكم من فقراء لا يملكون قوت يومهم دعاهم الله الى رحابه الطاهرة.. فنحن لا نذهب الى الحج او العمرة بارادتنا بل الله هو من يدعونا اليه ******* قـال عمـر : أشعر بنبضات قلبي تعلو على محركات الطائرة وهي تهبط في مطار جدة أتحسس ملابس الاحرام كي أصدق فعلا اني لا أحلم سارة تكاد تطير من الفرحة وكل دقيقة تشكرني على هذه الهدية.. والعجيب انها لم تفتح أي حوار او عتاب في مشكلتنا بل وكأنها نسيت كل أحداث العالم وتذكرت فقط انها ذاهبة الى بيت الله ******* قـالت سـارة : هبطنا الى مطار جدة وحدثت ماما ويحيى في التليفون وبكيت عندما سمعت صوته ولكني لم أستطع ان أصحبه معي من مشقة الرحلة.. أول مرة أفارقه من يوم مولده ولكني أفارق ابني لأذهب الى حبيبي و ملاذي وملجئي ******* قـال عمـر : ركبنا الاوتوبيس الموصل الى مكة وركبت سارة بجواري وأخذت أنظر الى جميع الركاب وأتأمل وجوههم المشتاقة الى زيارة بيت الله وأتأمل الشيوخ منهم وأتساءل كيف سيقدر هذا الشيخ الواهن على أداء المناسك؟ وكيف يجتمع كل هذا الحب في قلوب كل المسلمين الى شيء لم يروه أبدا ويقضون حياتهم كلها في شوق الى رؤية بيت الله الاعظم؟ قد تجد من يجادل في أشياء في الدين.. ولكن لا يمكن أن تجد مسلما قلبه لا يتوق الى زيارة مكة والمدينة ودخلنا أسوار مكة وأخذت أتأمل شوارعها الواسعة وأسواقها الكثيرة وخيرها الذي لا ينقطع وأتخيل ان مساكن الصحابة كانت في محل الفنادق الفارهة.. وكيف كانوا يتحملون هذه الحرارة العالية التي نشكو منها الآن في وجود المكيفات؟ كيف تحملوا العذاب فوق رمال الصحراء كي يتخلوا عن دينهم؟ ونحن لا نصبر على القيام لصلاة الفجر؟ ******* قـالت سـارة : وصلنا الفندق ووضعنا حقائبنا وتوضأنا انا وعمر ورفضت تناول اي طعام او حتى ان أستريح وهرولنا لندخل الحرم.. ومشينا في الاسواق وانا لا أكاد أرى البائعين الاسيوين والافارقة ولا أرى بضائعهم الكثيرة ولا تحيد عيني عن اتجاه الحرم حتى أخيرا وصلنا الى ابوابه وتعالت دقات قلبي وأنا اخلع حذائي وتمس قدمي رخامه البارد دوما وأشعر ببرودته في كل جسدي وقلبي أحاطني سلام داخلي لم أعرفه من قبل وأنا أرى أبواب الحرم الكثيرة وحوائطه الجليلة وكأني سائرة داخل حلم لا أريده ان ينتهي حتى أخيرا وصلنا الى صحن الكعبة ورأيتها لاول مرة في عمري لم أصدق عيني وأحسست اني أحلم وانتفضت وكأن زلزال هزني بقوة ونفض عن قلبي سباته وغفلته الطويلة ليخبره انه قد ولد الآن فقط.. ولم أتمالك نفسي من الخشوع والرهبة فسجدت وبكيت بكاء لم أعرفه طوال حياتي هل أستحق أن أكون هنا يارب العالمين؟ لقد أخطأتُ كثيرا وأذنبت كثيرا ويملؤني الخجل من أن أقف ببيتك الكريم وانا لا أستحق هذا الشرف أري بيتك بعيني وقد أخطأت عيني كثيرا أطوف حول الكعبة بقدمي وطالما عصت قدمي؟ ما هذه الرحمة؟ انها لا تكون الا من رب رحيم عظيم أطوف حول الكعبة ولا أشعر بالزحام ولا أشعر بافتقادي لابني ولا أشعر بزوجي بجواري.. عرفت الآن لماذا النظر الى الكعبة عبادة.. رؤيتي لها تغسل قلبي وروحي من دنس الذنوب وتفاهة الدنيا وصراعاتها الشرسة.. انه ليس فقط احساس ولكنه تغيير داخلي يحيطني ويشعرني اني اولد من جديد ******* قـال عمـر : أمسك بيد سارة كي لا تتوه مني في الزحام وأراها وهي لا تتوقف عن البكاء من خشية الله وأشكر الله على هذه الزوجة الصالحة التي لولا فضل الله ثم وجودها بجواري وصبرها على لم اكن احقق اي نجاح لا أعرف لماذا أشعر بنوع جديد من الحب تجاهها وُلد هنا.. هل هو الحب في الله جمعني بها غير حبي لها كزوجة وام ابني؟ اللهم اجمع قلبينا على حبك فهذا الحب لا يمكن أن يموت وصلت للشوط الأخير من الطواف وانا أتصبب عرقا ودموعا.. دعوت دعوات كثيرة وبكيت بين يدي الله أكثر وتذللت بين يديه أن يبدأ حسابي من يوم دخلت بيته.. شكرت الله على نعمه التي أغرقني بها ولم أشعر بها الا عندما سمعت دعوات المجاورين لي والتي يشكو كل منهم حاله وابتلاؤه الى الله ******* قـالت سـارة : صلينا ركعتين في مقام ابراهيم ثم طاب لنا أن نصلي أكثر وأكثر ولم نشعر بالوقت وقلوبنا ساجدة في رحاب الله الطاهرة وحمام الحرم يطوف حولنا وكأنه سعيد بضيوف الرحمن ذهبنا الى المسعى بين الصفا والمروة وبدأنا السعي ونحن نذكر الله ونبتهل في دعاؤه ولم أعرف في البداية المسافة التي يجب ان نهرول فيها حتى وجدناها محددة بضوئين أخضرين وهرولتُ مع عمر تيمنا بالسيدة هاجر حتى لفتت نظري سيدة فاضلة ان الهرولة للرجال فقط في هذه المسافة ******* قـال عمـر : وصلنا الى الشوط الخامس وانا لا اقوى على السير فالمسافة طويلة جدا وتعجبت كيف لامرأة ضعيفة مثل السيدة هاجر ان تهرول كل هذه المسافة 7 مرات بحثا عن ماء لوليدها؟ ونحن الرجال لا نقوى على السير مع وجود الارض الرخامية والسقف الواقي من لفحة الشمس؟ سارة انهكت ونبح صوتها من فرط الدعاء والبكاء بين يدي الله.. وأخيرا انتهينا من السعي وأجلست سارة تستريح وتدعو على جبل الصفا وذهبت أحضر لها ماء زمزم وأصريت أن أسقيها بنفسي وشربت معها حتى ارتوينا أخذنا ندعو سويا أن يحفظ الله ابننا يحيى ويجعله من حفظة القرآن وندعو أن لا يكون هذا آخر عهدنا بالبيت وأن يأتي بنا الله في هذه الزيارة الكريمة مرات ومرات ******* قـالت سـارة : نظرتُ الى عمر وكأني أراه لأول مرة في عمري كله ويملؤني احساس ان قلبي مليء من ناحيته بحب من نوع جديد حب في الله.. حب أقوى وأعمق مئات المرات من حبي له كرجل أو كزوج.. فهذا ممكن أن يضيع أمام أي مشكلة.. أما أن أشعر أني أرضيه لأني أرضي الله فيه وأحبه لأني أحب الله فيه هذا لا يمكن أن يضيع.. ولا يمكن أن ينتهي.. دعوت الله أن يحفظه لي ويجمع قلبينا سويا حتى نهاية العمر في زمرة المتحابين في جلاله اللهم احفظ علينا نعمتك التي لا تمنحها الا للقليل من عبادك.. وعلمنا شكرها وحق رعايتها اللهم أدم علينا الحبفيك.. ومنك.. وبك يارب العالمين..******* -تمت بحمد الله- منقول | |
|